نكتب كثيرا.. ونقرأ كثيرا.. أن الفساد لم يعد له مكان ولا يجد أحضانا ولا احتضانا! ولن يعود كما كان رافع الرأس ولا يهمه أحد يمشي في الأرض مرحا! ونقرأ عن الذين يقولون هذا ويقولون إن الجميع جهز راتب الشهرين وأقبل على الدفع مختارا لا مترددا.. ولا محتارا.. ويبقى مع هذه الأخبار الحلوة سؤال معلق.. هل حقا الناس اطمأنت أنها سوف تأخذ ما وعدت به وأنها لن تجد بعد هذا اليوم غير النزاهة والعفة والقلوب النظيفة التي لا تريد غير الصالح العام وخدمة الناس! المؤسف أن الممارسات السلبية التي تعود عليها البعض طغت على إيجابيات يقوم بها البعض الآخر! فظهر المجتمع مثل الكأس المعبأ نصفها لا يرى الناس غير النصف الفارغ! فنقطة الحبر السوداء تغير لون البياض وتجعله معكرا أو مسودا وكذلك السلوكيات التي يقوم بها بعض أصحاب المناصب والمسؤوليات وبعض الجهات العاملة! تعد ولا تفي، تقول ولا تفعل، تقرر وتتراجع، تلمع أخبارها وإذا دخلت جهازها رأيت العجب من الفوضى الإدارية والعمل السائب والحقوق الضائعة! ومما يندى له الجبين أنك إذا سألت عشرة من الأفراد ما هو الجهاز الذي ترونه يقوم بواجبه دون مراوغات وادعاءات وتراجعات.. لن تجد من يرد ويطلق اسم جهاز خدمي واحد ولا مسؤولا مباشرا واحدا! لأن نظام العمل ليس له نظام ويفتقر إلى أساليب المحاسبية والمتابعة والتقويم كل شيء يتحقق بالبركة ورمية من غير رام صابت هذا المطلوب خابت «عاد وشنسوي» اللي ما يخطئ ما يعمل! وبنو آدم خطاؤون! وخيرها في غيرها فنحن شعب نملك المشاجب الكافية لتعليق أخطائنا عليها خاصة عبارة رب ضارة نافعة! فنحن ننتظر الضرر لأنه يجلب المنفعة! وانظروا في أبسط الأشياء ما أكثر عدد الشاكين إلى من يكتبون في الصحف لأنهم فازوا في مسابقة علنية أعلنتها جهة من الجهات ثم حصلوا على وعود بالجوائز ومرت السنين وما قلت الأيام.. والفائز لم يستلم الجائزة التي فاز بها!! هل يعني ذلك أن بعض الجهات لا تجد حرجا في الكذب على الناس ثم لا تجد من يحاسبها على كذبها! لا زالت الوعود تتكاثر والمسابقات لا حصر لها والجهات التي تقدمها متنوعة ما بين القطاع الحكومي والخاص لكن المصداقية مفقودة! حتى الصحف نفسها تقدم وعودا لمن يفوز وإذا فاز لا يصله شيء ولا حتى اعتذار! وقس على ذلك أيها القارئ الكريم.. الوعود دائما سهلة وكثيرة لكن الحقائق غائبة ونادرة! واليوم مع انتعاش الآمال بعد تلقيها الكثير من الوعود لكن لا زالت المخاوف تمر بالكثيرين على اختلاف مواقعهم الوظيفية، هل حقا سيجدون الموعودين به؟ ومن قالوا إنهم سوف يصرفون راتب الشهرين لموظفيهم في القطاع الخاص هل حقا يفون بوعودهم أم هي حبر على ورق تم نشره في الصحف للمباهاة والاستعراض! ليست المشكلة أننا لا نجد أحلاما نتوكأ عليها إنما المشكلة أن أشخاصا يديرون الأجهزة يسرقون حتى الأحلام! مشكلتنا ليس فيمن يعطي فهو لا يتأخر لكن المشكلة فيمن ينفذ لذا الناس تبحث عن الثقة أكثر مما تبحث عن الكلمة الحلوة!