السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أنها أفضل سورة في القرآن ؛ فروى الترمذي (2875) وصححه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَاللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَلأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِيالتَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِمِثْلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَاللَّهِ،قَالَ رَسُولُاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ : فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ . فَقَالَ رَسُولُاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِوَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِمِثْلُهَا) صححه الألباني في صحيح الترمذي .
- أنها السبع المثاني التي قال الله فيها : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِيوَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) إبراهيم/87 ، وروى البخاري (4474) عَنْ أَبِي سَعِيدِبْنِ الْمُعَلَّى رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ قَالَ له : (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْتَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَقُلْتُ لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِيالْقُرْآنِ ؟ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّالْعَالَمِينَ ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِيأُوتِيتُهُ) .
قال الحافظ :
" اخْتُلِفَ فِيتَسْمِيَتهَا " مَثَانِي " فَقِيلَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى كُلّ رَكْعَة أَيْ تُعَاد , وَقِيلَ لِأَنَّهَا يُثْنَى بِهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى , وَقِيلَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة لَمْ تَنْزِلعَلَى مَنْ قَبْلهَا , " انتهى .
-
- أنها تشتمل على شفاء القلوب وشفاء الأبدان .
قال ابن القيم رحمه الله :
"فأما اشتمالها على شفاء القلوب : فإنها اشتملت عليه أتم اشتمال ،فإن مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين : فساد العلم ، وفساد القصد ، ويترتب عليهما داءان قاتلان وهما الضلال والغضب ، فالضلال نتيجة فساد العلم ، والغضب نتيجةفساد القصد ، وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها ، فهداية الصراط المستقيمتتضمن الشفاء من مرض الضلال ، ولذلك كان سؤال هذه الهداية أفرض دعاء على كل عبدوأوجبه عليه كل يوم وليلة في كل صلاة ، لشدة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة ،ولا يقوم غير هذا السؤال مقامه .
والتحقيق بـ ( إياك نعبد وإياك نستعين ) علماً ومعرفة وعملاً وحالاً يتضمن الشفاء من مرض فساد القلب والقصد .
وأما تضمنها لشفاءالأبدان فنذكر منه ما جاءت به السنة ، وما شهدت به قواعد الطب ودلت عليه التجربة .
فأما ما دلت عليه السنة : ففي الصحيح من حديث أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بحي من العرب ... " فذكر حديث الرقية بالفاتحة " ثم قال :
"فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء .
هذا مع كون المحل غير قابل ، إما لكون هؤلاء الحي غيرمسلمين ، أو أهل بخل ولؤم ، فكيف إذا كان المحل قابلاً ؟ انتهى .
"مدارج السالكين" (1/52-55) .
ثم قال :
"كان يعرض لي آلام مزعجةبحيث تكاد تقطع الحركة مني ، وذلك في أثناء الطواف وغيره فأبادر إلى قراءة الفاتحةوأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط ، جربت ذلك مراراً عديدة ، وكنت آخذ قدحاًمن ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهدمثله في الدواء" انتهى .
"مدارج السالكين" (1/ 58) .
- أن سورة الفاتحةقد تضمنت جميع معاني الكتب المنزلة.
"مدارج السالكين" (1/74) .
- أنها متضمنة لأنفع الدعاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "تأملت أنفع الدعاء ،فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في : (إياك نعبد وإياك نستعين)"انتهى .
"مدارج السالكين" (1/78) .
وبالجملة : فسورةالفاتحة مفتاح كل خير وسعادة في الدارين .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فاتحة الكتاب وأم القرآنوالسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاحوحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسنتنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك .
ولما وقع بعض الصحابة علىذلك رقى بها اللديغ فبرأ لوقته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( وما أدراك أنها رقية ) .
ومن ساعده التوفيق وأُعِين بنور البصيرة حتى وقف علىأسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد ، ومعرفة الذات والأسماء والصفاتوالأفعال ، وإثبات الشرع والقدر والمعاد ، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية ، وكمالالتوكل والتفويض إلى من له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجعالأمر كله ، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين ، وعلمارتباط معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما ، وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمةالكاملة منوطة بها موقوفة على التحقق بها ؛ أغنته عن كثير من الأدوية والرقى ،واستفتح بها من الخير أبوابه ، ودفع بها من الشر أسبابه " انتهى